المملكة العربية السعودية وهي قائدة العالم الإسلامي، وفيها الأماكن المقدسة، وإليها يكون الترحال والمقصد، قد بذلت مجهودات جبارة في خدمة كتاب الله الكريم فهي - قد اتخذت كتاب الله دستورًا، تعتمده في الحياة العامة والخاصة، فشمل جميع جوانب الحياة، ولقد استمدت المملكة منه قوتها، ورسمت لها منه منهجها.
في تاريخ البلاد السعودية سيرة أمة تحولت من الركود إلى النشاط، ومن الفرقة إلى الألفة، ومن الفتنة إلى الوئام، ومن نزعات العصبية الجاهلية والفوضى إلى الإيمان والنظام، ومن الفاقة إلى اليسر، ومن النوم والغفلة إلى الأخذ بأسباب الحياة.
إمارات تتوحد، وأمة تتكون، ودولة تبنى، وحضارة تشاد، مئات السنين مرت بالجزيرة والحكم فيها لمن غلب، غزو ونهب، لا أمن لضعيف ولا سلامة لأعزل.
لقد خضع العَصيُّ، وأَمِنَ الخائف، فكان الاستقرار، وكان الأمن الذي لم يألفه أهل هذه الأقطار.
التاريخ حَكَمٌ محايد يحتفظ في صفحاته وطياته بتطورات الأحداث مهما دقت أو عظمت دون مجاملة أو محاباة بهذا الفهم لمغزى دلالات الواقع والحاضر فإن الواقع ينبئ عن المستقبل، والحاضر يعكس الماضي، من هذا وذاك تتكشف الصورة المضيئة لتاريخ هذه البلاد المملكة العربية السعودية الذي هو بفضل الله وتوفيقه ثمرة من ثمار حنكة السلف ويقظته ووعيه للتاريخ وفهمه للأحداث، لقد أجمع المؤرخون عربًا ومسلمين ومستشرقين على أن تصدي الملك عبد العزيز لشتات الدويلات والإمارات الممزقة والمتفرقة، وتوحيدها تحت اسم " المملكة العربية السعودية " هو الإنجاز الوحيد الكبير في هذا العصر، ويؤكد ثقات المؤرخين والمنصفين الذين يسبرون تغيرات الدول وتقلبات الأحداث في هذه الفترة أن ما حققه الملك عبد العزيز في الجزيرة العربية هو أعظم عمل في تاريخ العرب الحديث هدف إلى الوحدة ولمّ الشتات.