التغريدات كلمات يكتبها الإنسان ليقرأها الجميع، والكلمة أمانة سواء كانت مكتوبة أو منطوقة وهي تشكل جزءا من فكر المرء وتوجهاته ومرئياته وقد تكون هذه الكلمات المغردة من القول الحسن الطيب الذي يفيد المجتمع ويبني ولا يهدم والعكس صحيح
قال الله - تعالى:{ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون * ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار* يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء} [إبراهيم: 24-27].
لذا فالعاقل الحكيم من يزن كلامه المكتوب والمنطوق ويفعل العقل والحكمة وينظر في عواقب الأمور ومآلاتها فلسان العاقل تابع لقلبه، وقلب الأحمق تابع للسانه.
قال أبو حيان التوحيدي نقلا عن أستاذه السجستاني: «نزلت الحكمة على رؤوس الروم، وألسن العرب، وقلوب الفرس، وأيدي الصين ومن الغريب مانراه ونقرأه كل يوم من تغريدات بعضها غير مسؤولة، منها ما يشكك في الدين والآخر ينال من أنبيائنا وعلمائنا وبعضها يثير الفتنة ويزكيها وبعضها يدهشنا بشيء من سفه القول وانعدام المنطق وقلة العقل وضعف الوطنية»..
قال عليه الصلاة والسلام: {والكلمة الطيبة صدقة} [متفق عليه].
جاء في كتاب فتح المغيث للسخاوي -رحمه الله- 1/371 ما نصه: «روينا عن المزني قال: سمعني الشافعي يوما وأنا أقول: فلان كذاب.
فقال: يا أبا إبراهيم! اكس ألفاظك أحسنها، لا تقل: فلان كذاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيء».
لذافانه من الواجب على الإنسان أن ينظر ويتنبه لكل ما يصدر منه من قول ويعرف أن له عاقبة في الدنيا والآخرة، إضافة إلى أنه قد يهدم ويسيء إلى غيره ويؤذيهم بقصد أو بغير قصد، وإن اختلفت الآراء ووجهات النظر فالواجب حسمها بالحوار الفكري المبني على أسس إسلامية بعيدا عن الخصومات والسخرية وانتقاص الآخرين.
ونظل نقدر ونحترم الإنسان حتى يصدر منه قول أو كتابة أو فعل يجعلنا نقيمه فإما أن يزيد احترامنا له وإما أن يسقط من نظرنا بسبب ماصدر منه..
قال الشاعر زهير بن أبي سلمى:
وكائن ترى من صامت لك معجب
زيادته أو نقصه في التكلم
فليت من صرفوا أوقاتهم للتغريد كل يوم صباح مساء يستشعرون أمانة ما يقولون ويبثون للناس على اختلاف مشاربهم ويستنطقون ما يزكي الهمم ويرتقي بالقيم والأخلاق ويفعل المعاني الكريمة في الخير والتعاون والبناء لنهضة الأمة ورقيها وتربية أجيالها على الخير والمحبة والمبادئ الكريمة..
خاتمة:
دخل عروة بن الزبير بستانا لعبد الملك بن مروان، فقال عروة: ما أحسن هذا البستان! فقال عبدالملك: أنت والله أحسن منه، إن هذا يؤتي أكله كل عام، وأنت تؤتي أكلك كل يوم.
خالد بن علي القرني
*عضو هيئة التدريس بجامعة الطائف
جريدة عكاظ